القطاع الصحّي “ضحيّة” قرارات “المركزي”.. والاعتراضات بالجملة!
تعميم جديد لـ"المركزي" قد يخلق سوق سوداء لليرة اللبنانية حيث ستختلف قيمتها نقداً عن قيمتها كـ"شيك" مصرفي
خطى مصرف لبنان خطوة جديدة على طريق رفع الدعم عن المواد الأساسية، من محروقات ودواء وقمح، فأصدر تعميمًا جديدًا، رقم ١٣٢٨٣، يقوم بموجبه المستورد بتسديد قيمة المواد المدعومة وفق سعر الصرف الرسمي، المحدد بـ 1515 ليرة لبنانية، كأوراق نقدية بغية تأمين العملات الأجنبية اللازمة لعملية الاستيراد.
بمعنى آخر، أصبح لازماً على مستوردي المواد المدعومة دفع المبالغ نقداً، وليس عبر حوالات مصرفية كما جرت العادة. أي على سبيل المثال، إذا كانت قيمة الأدوية المراد إستيرادها تبلغ 100 ألف دولار، يتوجّب على المستورد تأمين 15% من قيمة المبلغ بالعملات الصعبة، وباقي المبلغ بالليرة اللبنانية “نقداً حصراً”، وفق سعر الصرف الرسمي.
هذا القرار دفع “نقابة تجار ومستوردي المعدات الطبية والمخبرية في لبنان” إلى إعلان التوقّف عن تسليم المستلزمات والمعدات الطبية، بانتظار تنفيذ الوعود التي تلقّتها من المعنيين، لجهة إتمام التحاويل العالقة في المصارف وإلغاء القرار الجديد.
وفي هذا الصدد، قالت نقيبة مستوردي المواد الطبية، سلمى عاصي، لـ”أحوال ميديا” إن القرار يوحي بأن المبالغ المودعة سابقاً لهذه الغاية لم تعد ذي صفة، وتُصنَّف في خانة الإيداعات العادية”، مشيرة إلى استحالة القدرة على تنفيذ هذا التعميم، كون معظم الجهات المعنية في هذا القطاع تدفع مستحقاتها عبر حوالات مصرفية.
وبحسب عاصي، فإن هذه الجهات تنقسم بين ثلاثة أطراف أساسية، هي الصيدليات والمستشفيات والجهات الضامنة. وفي حين يمكن للصيدليات مثلًا تأمين هذه المبالغ نقداً، يتعذّر ذلك على المستشفيات التي تحصل على مصدر أموالها عبر “شيكات” مصرفية، سواء من قبل شركات التأمين أو القطاع العام، كوزارة الصحة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة، كما أن معظم الأفراد الذين يدخلون الى المستشفيات على نفقتهم الخاصة، يفضّلون الدفع عبر حوالات مصرفية وليس نقداً.
نقيب مستوردي الأدوية، كريم جبارة، أشار في حديث لموقعنا إلى أنه تفاجأ بهذا التعميم ولم يكن لديه أدنى فكرة عنه، مؤكدًا أنهم لا يملكون القدرة على تطبيقه. ولكن في حال إصرار المصرف المركزي على قراره هذا، “سنضطر الى التأخّر في تأمين الأموال المطلوبة، وبالتالي فإن المورد سيتأخّر بتسليمنا المواد، ما سيدمّر مخزون الأدوية “الضئيل” أساسًا، وقد يؤدي إلى انقطاع عدد كبير من الأدوية”، بحسب قوله.
هذا ولفت جبارة الى الخطر الذي سيتركه تعميم مصرف لبنان على المستوردين وعلى الصيادلة في آن، الذين سيضطرون الى الاحتفاظ بمبالغ نقدية كبيرة بحوزتهم، في ظل الأوضاع الحالية، ما قد يتسبّب بحوادث سرقة للصيدليات كما سبق وحصل في وقت سابق من هذا العام، حيث تعرضت بعض الصيدليات في لبنان لعمليات سطو وسرقة.
وفي المقابل، يبدو أن الهدف من قرار المصرف المركزي “جمع أكبر قدر من السيولة بالليرة اللبنانية، بغية تخفيف الضغط عن طلب الدولار الأمريكي في السوق السوداء”، إلا أن ذلك قد يؤدي الى “خلق سوق سوداء لليرة اللبنانية، حيث ستختلف قيمتها نقداً عن قيمتها كـ”شيك” مصرفي، على غرار الدولار الأمريكي النقدي واللولار” على حد قول جبارة.
وفي سياق متصل، علم موقع “أحوال” أن نقابات الصيادلة والمستشفيات والمختبرات ومستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات ومستوردي المعدات والمواد الطبية والمخبرية، في صدد عقد مؤتمر صحفي غدًا الخميس لرفع الصوت في وجه القرار المذكور.
مهدي كريّم